مقال رأي
د. سبتي سيف الدين/ باحث سياسي وأكاديمي
مع الإنتشار الرهيب لكورونا في بعض الدول، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، التي يقارب عدد الضحايا بها 60 ألف، وكذا في القارة الأوروبية التي تجاوز العدد في الدول المتضررة 80 ألف، وأما الضحايا عالميا فقرابة 200 ألف، وتصاعد عدد المصابين في السعودية وتركيا وبريطانيا وإيران وروسيا وحتى مصر، كان لزاما على الحكومات أن تتخذ بعض الإجراءات التي وصفت بالإحترازية، إنطلقت بإقتراض من الخزائن مثل أمريكا وفرنسا، لتغطية العجز الإقتصادي، وتوجه حاكم ولاية نيويورك بتقديم فحوصات طبية في الصيدليات، و هذا لتخفيف الضغوطات في المستشفيات، باعتبار أن الولاية هي أكثر تضرر في البلاد وكذا محاولة كسر بعض قيود الحجر.
ولقد كانت الآثار الإقتصادية جد عميقة من خلال تخفيض عمل المطارات والموانيء وعلى مستوى المؤسسات الكبرى والمصانع الإنتاجية والشركات والمؤسسات العامة، مما حتم على صناع القرار من إعادة إحياء الحركية الإقتصادية والتعاملات الإجتماعية مع الحذر الشديد، بعدما ظهرت مؤشرات التراجع في بعض الدول الأكثر تضررا.
وانطلقت السعودية برفع القيود الكلية على بعض المقاطعات ورفع منع التجوال والإلتزام بالتوقيت من التاسعة صباحا إلى الخامسة مساء، والإبقاء على نفس الإجراء السابق في العاصمة.
أما بلجيكا أعلنت إستئناف مواصلة الدراسة وفق إجراءات السلامة العامة، فرنسا و إسبانيا أيضا، تعتزمان هذا الأسبوع تخفيف إجراءات الغلق، من خلال تقديم رؤساء الوزراء بمقترح طلب رفع القيود لدى البرلمان، وحتى رئيس الوزراء البريطاني تعافى كليا وسيباشر مهامه بحر هذا الأسبوع.
وصفت هذه المستجدات بالتغيرات الإيجابية، وهي دلالة على المجابهة القوية للعنصر البشري (أطباء - لجان الأزمات - رؤساء - ملوك - حكومات) للفيروس الأكثر فتكا وقوة.
أما في الجزائر، أقر السيد الوزير الأول بقرار تخفيف الإغلاق لبعض النشاطات التجارية، على غرار بائعي الألبسة و المكتبات والحلاقين، مع تأجيل رفع القيود على سائقي الأجرة كتوجه إحتياطي.....و هذا مع إتباع كافة طرق الوقاية والسلامة العامة.
لكن ما هي أهم النتائج والآثار الإجتماعية والإقتصادية المترتبة عن هذه القرارات؟
يمكن القول أن وزارة الصحة و معهد باستور والمعاهد الثانوية المستجدة، واللجنة الوطنية لمتابعة إنتشار فيروس كورونا، وخلايا الأزمات، قد ساهموا في اتخاذ هذا القرار، على اعتبار الأعمال الميدانية والنشاطات اليومية وما يقومون به من مجهودات حثيثة، ساهمت في رفع تقارير يومية إتسمت بالحقيقة والدورية، وما ظهر واقعيا من خروج ولاية البليدة من الحجر الكلي، و عن مدى تفشي الفيروس ونسب الضحايا والإنتشار وكذا المتعافين منه، وحتى طبيعة الأدوية التي تستعمل في العلاج. على عكس بعض الدول(فرنسا - بريطانيا، من خلال عدم إحصاء ضحايا دور العجزة).
لهذا يمكن القول أن هذا القرار قريب للصواب و للتفاؤل لعدة إعتبارات منها: أن إسئتناف بعض الأنشطة التجارية قد ينعش الحركية الإقتصادية و كذا الحياة اليومية للمواطن كمستهلك يومي لأن الكثير منهم يعانون من تخوفات كبيرة لآثار هذا الفيروس، مما ساهم في إحباط وعزوف عن الحياة اليومية. لكن مع إعتماد أقصى درجات الوقاية و التباعد الإجتماعي و تجنب أوقات الذروة أو الكثرة والتجمعات القريبة، وهذا بدعم دوريات الأمن الراجلة و مراقبي التجارة والمجتمع المدني والجمعيات، لإضفاء الوعي، وحتى عبر المروحيات وكميرات المراقبة، وكذا يجب على الولاة أن يقوموا بعمل إحترازي لأن السيد الوزير الأول صرح بمزاولة بعض الأنشطة التجارية ولكن المصالح الولائية لها دور الرقابة الدورية وتحديد أهم الطرق الإحترازية للحد من إنتشار الفيروس ولعل الطرق الخاصة بالحماية تكون عبر:
*إلزام التجار بالحماية اللازمة و إجبار الزبائن بإستعمال المطهرات وأساليب الحماية وحثّ المواطنين بضرورة ترك المسافات وإذا ثبت العكس يعاقب التاجر بتقليل ساعات العمل وحتى الزبون من خلال التعهد بعدم التكرار.
* إلزام بعض المناطق التجارية الضيقة والتي كانت تعاني من الإختلاط الكبير بعدم ممارسة الأنشطة بصفة كلية والذهاب للأروقة الواسعة وكذا فتح المحلات بصفة دورية لا جماعية، أي أن المحلات التي تمارس نفس النشاط تتفق على فتح المحلات يوم بعد يوم لتفادي كثرة الإزدحام.
*إستعمال التجار للتعاملات الحديثة على غرار البيع عن بعد مع ميزة التخفيض والتوصيل.
* التبليغ عن أي تجاوز أو تهاون سواء من التاجر أو المواطن من خلال رقم مجاني أو عبر الإنترنت.
*نشر الوعي الدائم بخطورة الفيروس من خلال ملصقات وحتى عبر الراديو وأدوات التواصل الإجتماعي.
* عدم السفـر ما بين الولايات إلا للضرورة وهذا يخص تجار الألبسة والأواني لتفادي إنتشار الفيروس و الإختلاط.
* ضرورة التأكد من السلامة العامة وإجراء الفحوصات الدورية لتفادي أي خطورة مستقبلية.
أشارت بعض التقارير العالمية بوجود تجاوزات عديدة و عدم إمتثال الكثير من الأشخاص لقوانين الحجر والأكثر من هذا خروج البعض في إحتجاجات للمطالبة برفع القيود الوقائية على غرار بعض الولايات الأمريكية وحتى ألمانيا ومؤخرا إندلاع إحتجاجات خطيرة في فرنسا.
يعتبر النمط السلوكي للبشر هو الأساس لمجابهة أي خطر أو فيروس، فالحل الأمثل في الوعي الشعبي والإمتثال التام للوقاية العامة، على غرار بعض الدول التي تميزت بمجابهة كورونا و القضاء عليه (الصين - موريطانيا - الأردن ...). وحتى أن بعض الدول فتحت المساجد في تجسيد واقعي لقوة التفكير البشري والتزامه بقوانين الحماية والإمتثال لإجراءات السلامة.
وبمقولة الوقاية خير من العلاج تكون لنا قاعدة صحية تستطيع مجابهة هذا الوباء الخطير وكذا بواسطة الوعي الإجتماعي والإدراك العام للمواطن بإتباع إجراءات السلامة العامة سيندثر هذا الفيروس عاجلا غير آجل.
التعليقات
(لا موضوع)
عمة مساءا أستاذ و رمضان مبارك
(لا موضوع)
عمة مساءا أستاذ و رمضان مبارك
(لا موضوع)
إضافة تعليق جديد