د. سبتي سيف الدين/ باحث سياسي وأكاديمي
الأكيد أن العالم اليوم يتعامل مع أطراف فاعلة في عز الأزمة، وهي تصريحات أصحاب القرار من رؤساء ووزراء وأطباء وكذا مع الإعلام بصفته المكلف بنشر هذه التصريحات، من خلال خلق إنطباع لدى الجماهير المستمعة عبر نقل الأخبار المؤكدة والواضحة والتوجه نحو المعاني الخاصة، فنجد إختلاف كبير عبر الدول في هذه المجالات، فمثلا الرئيس الأمريكي يتوجه باللوم على الصين والشكر للفريق الطبي القائم والإشادة بالدور الأمريكي في مجابهة كورونا، أما واقعيا، نجد أنها تحتل المركز الأول في عدد المصابين والضحايا عالميا، وفي الشارع ظهور الإحتجاجات ضد قراراته وحتى تصريحاته وبعض الحاكمين للولايات يرفضون توجهاته الدولية الغير مدروسة، واتهاماته للصين ومنظمة الصحة العالمية، ويوجد الكثير في المستشفيات من صرحوا بعدم متابعتهم بشكل دوري وعدم الإكتراث لهم، والغائب هو الإعلام الرسمي من هذه الحقائق.
حتى ألمانيا تعاملت بقوة مع المحتجين، والغائب من هذا التطور الخطير صناع القرار والإعلام الرسمي.
وفي إيران الخطورة تتفاقم بصور كارثية وصناع القرار (الجيش) يصرحون بكبح جماح الفيروس وعدم تفشيه، ودائما عدم تطرق الإعلام للتعداد الحقيقي وحتى التصريحات الرسمية ليست دورية.
في مصر تصريحات متناثرة وليست بشكل دقيق ودوري، والغائب هو السيسي وإنشغال الإعلام بالمسلسلات والإعلانات.
وأصبح صناع القرار يتسابقون حول إيجاد الدواء الرادع لكورونا، وكذا الإعلام يعمل على إستباق الحدث والتصريحات الحصرية، فرئيس إحدى الدول الإفريقية صرح رسميا بإكتشاف دواء عبارة عن مشروب مكون من الأعشاب الطبيعية وفرض على الشعب شربه لمقاومة الخطر، وكذا الإعلام تعامل بصدق مع المعلومة، ولم يصرح لا الأطباء و لا المختصين بفاعلية هذا المشروب.
كما نجد الإمارات العربية المتحدة مهتمة بالوصول إلى دواء فعال للقضاء على كورونا و تعامل الإعلام بصدق مع المعلومة، ونجد أمريكا مؤخرا تقر بتجريب الدواء وقوة تأثيره على المصابين بالفيروس، والإعلام يتعامل مع صدق المعلومة.
أما فرنسا أعلنت عن إكتشاف الدواء منذ مدة والتعتيم ساد بعد هذا التصريح الغير مدروس.
الإشكال في هذه التصريحات أن صناع القرار ينسبون لأنفسهم عبر دهائهم و دهاء الطواقم الطبية و الخبراء, التوصل لإختراع الدواء الرادع وكذا محاولة تكوين ضجة إعلامية نحو هذا التوجه، ولكن وجود إعلام الهواة أو التصوير الهاوي، أصبح أكثر صدق وأقوى ميدانيا وحتى قربه من الحقيقة وما نشهده من تطور لافت لعدد المتابعين و المصدقين لهذا التوجه الإلكتروني.
ولقد أعلن بوناطيرو إكتشاف الدواء مع مجموعة أطباء عراقيين، ولكن صناع القرار تعاملوا بشكل محترف مع هذا الخبر وتميز وزير الصحة بتصريح مؤكد على على ضرورة التأكد من فعالية هذ الدواء و عدم التسرع و تجريبه ومعرفة مصدره، و كذا الإعلام ظهر بتصريحات صادقة من خلال تفادي تصريحات مؤكدة على تبني صناع القرار لهذ ا الدواء.
الإبتعاد عن الشائعات و نشر التطورات بمراحلها و هنا نجد أن الجزائر تقوم بدور كبير في التصريحات الصادقة من خلال دراسات طبية عملية، وعبر خلية الأزمات وكذا التصريحات الدورية بنتائج وخطورة هذا الفيروس.
كذلك نجد السعودية، تونس، المغرب والأردن، الإعلام مساعد للرأي العام عن الأزمة و يعمل على كسب ود الجماهير المترقبة من خلال القدرات التحليلية للأوضاع وأدوار الخبراء وصناع القرار، كما يعمل على تنشيط الجهات الغير رسمية، من خلال التركيز على حلقات الإتصال بين كافة شرائح المجتمع والقائمين على إدارة الأزمة، وتقوية روح الولاء و تجسيد ملامح التضامن بين المواطن والحكومة لتخفيف الضغوطات والتقليل من حدة الأزمات.
لقد إرتقى الدور الإعلامي في عز أزمة كورونا وتفرق من الدور الإخباري العادي الذي ينقل المعلومات للجماهير (إيران، مصر، فرنسا، بريطانيا..)، أما الدور التوجيهي فهو يحدد المعلومات بدقة من خلال التوجه نحو دراسة سلوك الأفراد ومحاولة إقناعهم بطرق إعلامية ذكية للقيام بتوجه مفيد لمواجهة خطر الفيروسات و تخطي عتبة الأزمات (الجزائر-تونس-المغرب-الأردن-السعودية....).
الإعلان عن الأحداث بشكل صحيح ومدروس كأساليب توافقية وفعالة تواجه الشائعات والتركيز على صحة الخبر من قبل المتحدث الرسمي، من خلال تصريحات مؤكدة ودورية ومعدة بإحكام لكي تكون مع المسار السليم لمواجهة المخاطر، و يتم هذا عبر تحري الدقة والحذر نحو تقصي الحقائق المؤطرة لمسار الأزمات وكذا ضرورة تدارك الأخطاء وحتى الإعتراف بها لتقوية اليقين الخاص بالمجتمع.
الأمانة و الصدق في نقل المعلومة و تكذيب الشائعات من خلال ضرورة الإعتماد على الخبراء والأطباء والمراكز الخاصة، وكذا اجتناب التهويل وعدم التقليل من حجم الخطورة والإبتعاد عن التنبؤات الغير مدروسة والتوجه نحو ضرورة وضوح الخطاب الجماهيري والتركيز على المعاني الإيجابية والمجهودات المبذولة، من طرف جميع الفاعلين و كل الأطراف المحاربة، صناع القرار-الجماهير الواعية- منظمات-جمعيات-فرق طبية-. فالكل معني بهذه الحرب المجهرية الخطيرة.
كلها توجهات و أعمال مهمة وواقعية تتميز بها أهم الجهات المؤثرة في العالم في عز تفاقم الفيروس، فالجماهير الآن كلها تنتظر المعلومات أي أنها تنتظر مع بعض الأمل تلقي المعلومات المفرحة لا المفبركة والصدق لا الشائعات والبحث الطبي الحقيقي لا التكهنات، وكذا يجب إبعاد ذلك التأثير الطاغي على الإعلام و ضرورة تميز المسؤولية نحو إيصال المعلومة.
التعليقات
(لا موضوع)
(لا موضوع)
(لا موضوع)
(لا موضوع)
(لا موضوع)
إضافة تعليق جديد