يقدم الكاتب والإعلامي صالح عزوز إصداره الأدبي الثاني في عالم النشر والرؤية، والموسم "غربة ساق"... في هذه المرة يحاول الكاتب الغوص بنا في شخصية روايته وتعرية الجانب الخفي منها، في أسلوب مشوّق يرتقي بنا في نسق تصاعدي.. لعلها بطلته تريد أن ترسم قدرا جديد...
عن هذا العمل الأدبي وعن وفائه لنوع الرواية وعن مشاكل النشر في الجزائر سيجيب صالح عزوز في هذا الحوار.
* حوار زهور غربي
* أولا دعنا نبارك إصدارك الجديد "غربة ساق" ألف ألف مبروك
- شكرا، وسعيد جدا لهذه الالتفاتة..
* هلا تقدم لنا هذا النتاج الأدبي الجديد ؟
-"غربة ساق"، هي عصارة عامين من الجهد، أردت أن أكشف من خلالها عن جانب خفي تعيشه الأنثى أو بالأحرى المرأة، بعيدا عن أضواء المدينة والشهرة، والبساط الأحمر الذي تسير فوقه في الكثير من المناسبات، عن تلك التي تحاصرها العزلة في القرى والمداشر، التي تقضي يومها في المسالك الوعرة والدروب الصعبة، التي تدمي قدميها وتخدش جمالها، كما أردت أن أجعلها انتفاضة منها، رغم كل الظروف التي تحاصرها في هذه الأماكن، الذي ينام قريبا من الغابات والجبال، وأنها رغم كل هذا يمكن أن تكون بطلة في الكثير من الميادين، سواء طالبة أو عاملة أو حتى ربة بيت، سوف يعيش القارئ من خلالها الكثير من الأحداث التي تتطور تباعا، حيث يجتمع الحزن والإهمال، الصورة الزائفة للرجولة، وسوف يعيش معها قصتها، حين تدفع ثمن لقب أنثى، بالرغم من أنها لم تكن مخيرة فيه.
* "غربة ساق"هل تحاكي الخيال أم تسرد الواقع ؟
- هي سردية واقعية، تتكرر في الكثير من المناطق المعزولة، غير أنني أردت من الشخصية البطلة فيها أن تكون عرجاء، لأضيف إلى ضعف القوارير ألم ساق عرجاء، فهل يمكن لها أن تقاوم هذين الضعفين، في حضرة الذكورة والقوامة، اللذان يشدان على عنقها إلى درجة الوأد في المهد، إلى حرمانها من الدراسة، وكذا رفسها كما ترفس البهائم بعضها بحثا عن الكلإ، كشفت من خلالها عن لاإنسانية بعض الأقربين منا، حتى ولو كان الأب، الذي لا يزال متعلقا بالعادات والتقاليد، إلى أن يغوص في التراب، وهو على ذلك، بالرغم من الظلم والقهر لفلذة كبده، غير أنه يختار الجانب المظلم بداخله، الذي تغذيه عادات وتقاليد بالية، عاش بها ولها، وورثتها الأجيال جيل عن جيل، على الجانب المشرق الإنساني، خوفا من أن يقال عنه أنه استسلم للحاضر من أجل أنثى، بالرغم من أنها ابنته.
* ما رأيك في الغلاف... هل شاركت في فكرة التصميم ؟
- تقاسمنا الفكرة، من حيث التصميم، وفي الأخير، اتفقنا على أن يكون كما ما هو عليه، أعتقد أنه يعكس المحتوى بالنسبة لي، وأجده ملائما تماما لما عالجته.. في انتظار ربما من يخالفنا الرأي.
* قدمت قبلا رواية "وطن بيع بقارورة نبيذ".. كيف كان تجاوب القرّاء مع هذا العمل ؟
- بالعودة إلى العمل الأول، أشرت أنه بداية النقش على جدران الرواية، كانت تجربة جميلة، خاصة أنها لقيت تجاوبا إيجابيا من طرف كل من اطلع عليه، حتى من بعض القراءات من خارج الجزائر، أما بالنسبة لي فإنه يبقى عملا أدبيا، أكيد يخضع للهوى والعاطفة والظروف، ولا يمكن أن يجتمع كل القرّاء على أنه عمل جيد، فما أراه أنا جيد قد تراه أنت سيئ، أي أن نجاح أي عمل أدبي بالنسبة لي يبقى معياري، فقط أنه يجب على كل مبدع المحافظة على أركان الرواية المعروفة، ونجاح المبدع في عمل ما، هو نجاحه في الالتزام بما يتطلبه كل فن أدبي.
* لماذا جنس الرواية دون غيره ؟
- الرواية تعطيك المساحة الكافية كي تزاوج بين الخيال والواقع، أي حقل تجربتك يكون واسعا، إلى جانب هذا، أنا من هواة السرد، وهذا ما توفره الرواية، لذا أحب هذا النوع من الفنون الأدبية، بالإضافة إلى هذا، أحاول من خلال الرواية معالجة واقع معاش عن طريق نقل حقائق موجودة أو وجدت من قبل، عن طريق الحكي السردي الجميل، وأطور أحداثه في شكل مشاهد، يمكن للقارئ أن يعيشها ويرسمها في ذهنه، ويتتبع أحداثها حتى النهاية.
* كم يلزم للكاتب من وقت حتى ينتهي من تداعيات رواية ليدخل في عمل آخر ؟
- بالنسبة لي، يبقى هذا اجتهاد كل مبدع، فقط أنا لست من الذين يركزون على الكم على حساب النوع، يجب على المبدع أن يتوقف للقراءة، للمقارنة، للنقد، من أجل تطوير ما يكتبه في أعماله المقبلة، فإن لم يعط مسافة بين أعماله من أجل هذا، أكيد سوف يجتر ويعيد ما يكتبه، بنفس الطريقة والأسلوب، وأعتقد أن الإبداع الأدبي عن كل مبدع يجب أن يتطور من عمل لآخر، وهذا لا يتأتى، إلا بالحرص على التريث والبحث عن الأجود في كل ما يقدمه.
* هناك الكثير من دور النشر اليوم... كيف كانت تجربتك في التعامل معهم ؟
- الحديث عن دور النشر يطول لساعات، لا أنكر بالرغم من أن تجربتي قصيرة معهم، إلا أنني استطعت أن أقف على الكثير من الأمور، التي كانت السبب في تدحرج الإبداع في الجزائر، وكذا الرداءة الحاصلة، وأصبحنا نتراشق، وكل يتهم الطرف الأخر على واقع الإبداع في الجزائر، في حين نحن نشترك في الرداءة سواء قبلنا أم أبينا، بدءا من المبدع، الذي أصبح لا يهمه إلا إصدار ما يكتبه حتى ولو كان رديئا، بل فيهم من لا يفرّق بين الألوان الأدبية، إلى دور النشر التي قدمت الشق التجاري على جمالية الأدب والإبداع، لذا في اعتقادي، يجب على دور النشر أن تتوقف عن نشر كل ما يكتب، أنا من الذين يؤمنون أن الجميع له الحق في الكتابة، لكن ليس الكل له الحق في النشر، حينما نحقق هذه المعادلة، أكيد سوف نصل إلى أعمال راقية.
* إصدارك الأخير من دار النشر "خيال"... ما الذي آثر إختيارك لهذه الدار ؟
- اطلعت على الكثير من العروض، لكن عرض دار "خيال" كان الأنسب، بالإضافة على هذا، لا يختلف اثنان أن دار "خيال" استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا في سوق النشر، لما تقدمه من خدمات للمبدع والمبدعين، على رأسها مدير الدار، رفيق طايبي.
* هل سيوزع هذا العمل في دول عربية ؟
- السؤال هو: هل يليق هذا العمل بمكتبة عربية ؟.. إذا كذلك فنعم، وإن كان لمجرد النشر فقط فلم يوزع إذا، العمل الذي لا يقدم إضافة للأدب الجزائري حينما يضع جنبا إلى جنب مع أعمال عربية، دعه يبقى في وطنه، لذا أرى أن التوزيع في الدول العربية يجب أن يكون إضافة للمكتبة العربية.
* هل ستتجه مستقبلا للنشر الإلكتروني ؟
- أكيد وهي السوق الحديثة اليوم، بل وستفرض نفسها مستقبلا، ورغم هذا يبقى الكتاب الورقي هو الأجمل في إعتقادي.
* ماذا عن ترجمة أعمالك ؟
- حينما أتأكد أن العمل يليق بالترجمة وإضافة لأي مكتبة في العالم، فلم لا تغازله عيون أخرى، تقرأ وتنطق لغة مختلفة عن لغتنا الجميلة.
* كلمة أخيرة
- شكرا لكم ولقرّاء موقع "الجزائر برس"
إضافة تعليق جديد